الثلاثاء مارس 20, 2012 8:27 am | المشاركة رقم: |
المعلومات | الكاتب: | | اللقب: | المشرف | الرتبه: | | الصورة الرمزية | |
الإتصالات | الحالة: | | وسائل الإتصال: | |
| موضوع: رد: المملكه المغربيه و تاريخ الدولة العلوية المملكه المغربيه و تاريخ الدولة العلوية
تابع الموضوع [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
· جعلت مقررات مؤتمر الجزيرة الخضراء من المغرب محمية فرنسية – إسبانية:
نقلت قضية الإصلاحات المقترحة على المغرب من المجال الثنائي بين المغرب وفرنسا إلى الإطار الدولي بعد التدخل الألماني في المسألة المغربية، فانعقد مؤتمر الجزيرة الخضراء لبحث موضوع الإصلاحات شاركت فيه إلى جانب المغرب إثنى عشرة دولة أوربية. وقد نصت بنوده على مقررات تفقد المغرب سيادته الحقيقية، ومنها تنظيم شرطة في المراسي المغربية المفتوحة للتجارة يؤطرها الأجانب، وإنشاء بنك مخزني وزعت أسهمه على عدة دول أهمها فرنسا، تكون مهمته إحداث إصلاحات مالية ونقدية وتقديم القروض للمخزن والعمل على تنظيم الضرائب والجمارك وتحسين مداخيلها، ومحاربة التهريب وخاصة الأسلحة التي بدأت القبائل المغربية تستخدمها ضد الأجانب، وقد حصلت فرنسا على انتداب لإدارة شؤون المغرب بعد أن فوضها المؤتمر تنفيذ برنامج الإصلاحات الذي كان مجلس الأعيان قد رفضه، وبالرغم من الإشارة إلى سيادة السلطان ووحدة إيالته فإن فرنسا واسبانيا اعتبرتا مقررات مؤتمر الجزيرة الخضراء إشارة لهما بالشروع في الإحتلال العسكري للمغرب وتقسيمه طبقا للإتفاق الودي وملحقاته السرية.
ردود الفعل المغربية والسير نحو فرض الحماية الفرنسية – الإسبانية على المغرب:
التدخل العسكري وعزل عبد العزيز ومبايع أخيه عبد الحفيظ:
اضظر عبد العزيز إلى المصادقة على مقررات مؤتمر الجزيرة الخضراء في 28 يونيو 1906م بعدما توالت عليه الضغوطات الأجنبية، فأدى ذلك إلى استياء الرعية من السلطان، ومع إقدام فرنسا على احتلال وجدة في 29 مارس 1907م في أعقاب مقتل الطبيب الفرنسي "موشان" في مراكش، كما استغلت حادثة أخرى لاحتلال الدار البيضاء في 5 غشت من نفس السنة وتوغلت جيوشها في الشاوية ودكالة، فأدت كل هذه الأحداث إلى ظهور بوادر الإنقسام والفوضى لدى الرعية بعدما اضطرهم السلطان إلى الإستسلام للأمر الواقع، فتوجه أهل مراكش بعدما خشوا من امتداد الغزو الفرنسي إليهم، لاستفتاء علماء فاس في شأن عزل عبد العزيز ومبايعة عبد الحفيظ، فأفتى علماء فاس بوجوب ذلك وتمت مبايعة عبد الحفيظ بمراكش في 16 غشت 1907م، وانقسم المغاربة بين مؤيدين لعبد العزيز ومناصرين لعبد الحفيظ إلى أن تغيرت الأحداث بفاس لصالح هذا الأخير فبايعه أهلها، وبعد ذلك أعلن عبد العزيز تنازله عن العرش في نونبر 1908م لصالح أخيه.
عبد الحفيظ أمام الوفاء بشروط البيعة وحمل أوربا على الإعتراف بشرعيته كملك:
اقتنع عبد الحفيظ بعدم جدوى المقاومة العسكرية للجيوش الفرنسية والإسبانية بعد أن أبانت هذه الأخيرة عن نيتها الحقيقية في احتلال المغرب، فاضطر إلى مسالمة الفرنسيين وفتح باب التفاوض معهم، ومقابل الإعتراف به كملك شرعي صادق على المعاهدات التي أبرمها سلفه، وأمام تفاقم الضائقة المالية اضطر السلطان الجديد إلى الإقتراض من البنك المخزني الذي أصبح يمارس مراقبة مالية وسياسية غير مباشرة على المخزن، وضمانا لتسديد القروض وضع البنك يده على ما تبقى من مداخيل المراسي واحتكار التبغ والمكوس والزكوات والأملاك المخزنية المحيطة بالمراسي، وبهذا أصبح السلطان في الوضعية نفسها التي كان عليها سلفه.
كما أن شروع اسبانيا في احتلال المناطق المتاخمة لسبتة وإنزال قواتها بالعرائش والقصر الكبير، اضطر السلطان إلى الموافقة على اتفاقية يسمح بموجبها بالمشاركة الإسبانية في الإشراف على الجمارك واحتكار مناجم الريف.
وفي خضم هذه الأجواء اتهمت ألمانيا كلا من فرنسا واسبانيا بخرقهما لمقررات الجزيرة الخضراء، وأرسلت بارجة حربية إلى أكادير، ثم طالبت بضرورة انسحاب القوات الفرنسية والإسبانية من المغرب، فخيم بذلك التوتر والقلق على أوربا خوفا من اندلاع حرب ألمانية – فرنسية لا يمكن توقع نتائجها، وبتدخل من بريطانيا في تحفيز فرنسا للدخول في مفاوضات مع ألمانيا تم بذلك إبرام اتفاقية برلين في 4 يونيو 1911م، نالت بموجبها ألمانيا جزءا من الكونغو وأطلقت يد فرنسا في المغرب.
عجز السلطان عن الوفاء بالتزاماته دفعه إلى الإستنجاد بالجيش الفرنسي لمواجهة الثورات العارمة عليه في جميع أنحاء البلاد:
سارعت فرنسا إلى وضع يدها عل المغرب بعد أن أزاحت خصمها القوي ألمانيا، ومع تخاذل الجيش النظامي المغربي وإفلات زمام الأمور شيئا فشيئا من يد السلطان، وأمام الثورات العارمة ضده، استنجد السلطان بالجيش الفرنسي للتدخل من أجل إقرار الأمن وحماية السلطان، فاستجابت فرنسا لذلك وقامت باحتلالها لفاس أولا ثم مكناس فالرباط وما تبقى من أراضي المغرب الشرقي، وعرضت على السلطان عقد الحماية الذي وقعه في 30 مارس 1912م، وتلت بعد ذلك معاهدة فرنسية اسبانية وقعت في مدريد حددت منطقة الحماية لكلتا الدولتان في 17 نوفمبر 1912م.
فشرعت الدولتان بالإعتماد على هذا العقد في الإحتلال الشامل للمغرب، إلا أنهما واجهتا مقاومة قوية من لدن مختلف القبائل المغربية. المغرب تحت نظام الحماية واجهت المغرب في العقد الأول من القرن العشرين 1912/1900 مجموعة من الأزمات ساهمت فيها عوامل داخلية وأخرى خارجية في عهدي السلطانين عبد العزيز و عبد الحفيظ انتهت بسقوطه تحت الحماية الفرنسية والأسبانية 1912. وقد نصت هذه المعاهدة على تأسيس نظام جديد بالمغرب ستند له مهمة القيام بإصلاحات إدارية و عدلية وتعليمية و اقتصادية ومالية وعسكرية لفائدة المغرب. كما يقوم السلطان بتسهيل الاحتلال العسكري للمغرب بذريعة ( تبرير) استتباب الأمن وتامين المعاملات التجارية وتنفيذ الإصلاحات من اجل تحديث البلاد وتطوير اقتصادها. وبفرض نظام الحماية فقد المغرب سيادته وحقه في تسيير شؤونه العامة بنفسه لصالح الحمايتين الفرنسية في الوسط والاسبانية في الشمال والجنوب وسلطة دولية في طنجة، ليصبح له في شخص السلطان وخليفته دورا شكليا مجردا من الصلاحيات. فما هي أجهزة ومؤسسات نظام الحماية؟ وما هو رد فعل المغاربة تجاه هذا النظام؟
أجهزة ومؤسسات نظام الحماية الفرنسية والاسبانية بالمغرب:
1- أجهزة ومؤسسات نظام الحماية الفرنسية بالمغرب:
أحدثت فرنسا إدارة فرنسية لترسيخ سلطتها مع الاحتفاظ بأجهزة مخزنية تمثل الإدارة المغربية، توزعت بين إدارة مركزية وإقليمية ومحلية: فعلى رأس إدارة الحماية المقيم العام ( اليوطي أول مقيم عام 1912- 1925) يمثل الجمهورية الفرنسية بالمغرب، يسير المصالح الإدارية والعسكرية ويسن القوانين ويصادق عليها، وبذلك كان مطلق الصلاحيات، ويساعده كاتب عام يشرف على جميع الإدارات، إضافة إلى المديرون ويتولون رئاسة المديريات كوزارات أهمها المالية والداخلية والتعليم و الفلاحة، أما الإدارة الإقليمية فيسيرها مراقبون: مدنيون بالرباط والبيضاء ووجدة، وضباط الشؤون الأهلية بالمناطق العسكرية المضطربة كفاس ومكناس ومراكش وأكادير، أما الإدارة المغربية مركزيا فعلى رأسها السلطان ( له دور شكلي يوقع الظهائر وله سلطة دينية) يساعده الصدر الأعظم ووزارتي العدل والأوقاف، أما محليا يمثل الادراة المغربية الباشوات في المدن والقواد بالبوادي يخضعون للإدارة الفرنسية. وبحلول 1925 تحولت الحماية إلى إدارة مباشرة تتخد القرارات متجاوزة الإدارة المغربية عكس ما كانت تصرح به سلطات الحماية في شخص مقيمها العام اليوطي أن الإدارة تتم بمؤسسات وحكومة وإدراة البلد وتحت السلطة العليا للسلطان وتحت الإشراف البسيط لفرنسا.
1- التنظيم الإداري بمنطقة الحماية الاسبانية ماعدا طنجة:
تميزت بازدواجية الإدارة مثل الإدارة بالمنطقة الفرنسية، بين الإدارة الاستعمارية والإدارة المخزنية المغربية ( شكلية) مركزيا ومحليا، الإدارة الاسبانية: مركزيا: على رأس إدارة الحماية مندوب سامي يمثل الدولة الاسبانية بالمغرب يسير منطقة الاحتلال ويستعين بمجموعة من الأجهزة الإدارية في شكل نيابات ( الأمور الأهلية – التعليم – الصناعة – الفلاحة – الصحة – المالية )، أما محليا فعينت اسبانيا على المدن قناصل وعلى البوادي ضباط عسكريين.
الإدارة المغربية: مركزيا: يمثلها خليفة السلطان له صلاحيات شكلية كإصدار الظهائر ويتولى إدارة العدل والأوقاف، محليا يمثلها الباشوات بالمدن والقواد بالبوادي ينوبون عن الخليفة.
طنجة أشرفت عليها إدارة دولية لوضعها الدولي في نظام .
مراحل احتلال المغرب وحركة المقاومة المسلحة المغربية ومميزاتها:
1- مر الاحتلال العسكري للمغرب بمراحل رد عليه المغاربة بالمقاومة المسلحة
تطلب إخضاع المغرب مدة زمنية طويلة امتدت من 1912 الى 1934 عبر مراحل كالتالي:
- بداية القرن 15م احتلال سبتة و مليلية إلى الآن؛
- سيدي ايفني 1860 بعد معركة تطوان ضد اسبانيا؛
- ما قبل 1912 مناطق المغرب الشرقي وواحات الجنوب الشرقي كوجدة و البيضاء الرباط و فاس ؛
- 1912/1914: مناطق مراكش ومناطق تازة، مكنت فرنسا من ربط مناطق الشرق بالغرب؛
- 1914/1920: المناطق الأطلسية؛
- 1921/1926: مناطق الريف كالحسيمة و مناطق خنيفرة؛
- 1931/1934: المناطق الصحراوية.
وقد رافق هذا الاحتلال العسكري اندلاع المقاومة المسلحة طيلة مدة التغلغل العسكري في كل من الجنوب بقيادة أحمد الهيبة بن الشيخ ماء العينين والذي انهزم أمام الجيش الفرنسي في معركة سيدي بوعثمان 6/9/1912، والأطلس المتوسط بقيادة كل من موحى وسعيد بالقصيبة وموحى وحمو الزياني بخنيفرة الذي هزم الفرنسيين في معركة لهري 1914 وكبدهم خسائر ثقيلة، والأطلس الكبير الشرقي والصغير بقيادة عسو اوبسلام ومن أهم معاركه ضد فرنسا معركة بوغافر 1933، وفي الريف قاد المقاومة كل من الشريف محمد امزيان ومحمد بن عبد الكريم الخطابي من اشهر معاركه أنوال 1921 التي هزم فيها الجيش الاسباني الذي تحالف بعدها مع فرنسا فتم وضع حد للمقاومة بالريف، وقد اعتمدت قوات الاحتلال في مواجهة المقاومة على بعض كبار قواد القبائل كالريسوني في الشمال و التهامي الكلاوي وأخوه المدني في منطقة مراكش.
2- تميزت حركة المقاومة المسلحة المغربية بحسن تنظيمها وقوتها:
تطلب احتلال المغرب عسكريا من طرف سلطات الحماية 22 سنة من العمل العسكري ( 1912 الى 1934 )، وذلك بفضل قوة المقاومة المسلحة المغربية و حسن تنظيمها رغم استعمالها لوسائل وأسلحة تقليدية بسيطة وأسلحة الغنائم العسكرية من المعارك كما هو الشأن في معركة لهري وأنوال مقارنة مع التفوق العسكري للمحتل المكون من جيش نظامي مجهز بأسلحة متطورة نارية ودبابات وطائرات، إضافة إلى ارتفاع الروح القتالية للقبائل والتفافها حول زعماء المقاومة، وهو ما حاولت فرنسا ضربه بخلق التفرقة بسن سياسة فرق تسد بين مكونات المجتمع المغربي من أمازيغ وعرب وذلك بإصدارها للظهير البربري 1930 الذي أفشله المغاربة وزاد من شعورهم القومي .
وبنهاية المقاومة المسلحة سنة 1934 دخلت المقاومة المغربية مرحلة المقاومة السياسة إلى جانب العمل المسلح بقيادة الأحزاب السياسية.
خاتمة: إذا كان نظام الحماية ظاهريا يهدف إلى تحقيق الآمن وتنمية المغرب اقتصاديا وإداريا وعسكريا، فإن جوهره الحقيقي هو استغلال ثروات البلاد لما يخدم مصالح الدولتين الاستعماريتين. المغرب و الإستغلال الاستعماري في عهد الحماية بعد توقيع معاهدة الحماية شرعت فرنسا وإسبانيا في استغلال الثروة الاقتصادية المغربية، ولذلك وضعت أجهزة إدارية وهياكل اقتصادية لتحقيق أهدافهما. فما هي الوسائل التي اعتمدتها السلطات الاستعمارية لاستغلال المغرب؟ وما هي مظاهر الاستغلال الاستعماري؟ وما هي النتائج الاقتصادية والاجتماعية التي ترتبت عن الاستغلال الاستعماري الفرنسي- الاسباني؟
الوسائل – الآليات - التي اعتمدتها فرنسا واسبانيا لاستغلال المغرب:
· المؤسسات المالية: تتمثل في البنك المخزني الذي انشأ طبقا لمؤتمر الجزيرة الخضراء، وامتلكت فرنسا جزءا مهما من رساميله، ومهمته إحداث إصلاحات مالية وتقديم القروض للمخزن المغربي، إضافة إلى مراكز أو فروع بعض المؤسسات المالية الأخرى كالشركة الجزائرية والقرض العقاري للجزائر وتونس والشركة المرسيلية للقرض وغيرها، كانت تقدم المساعدات المالية للشركات الاستعمارية والأفراد الأجانب قصد انجاز مشاريعهم الإنتاجية الفلاحية والصناعية والتجارية، وبذلك نمت الاستثمارات العمومية والشبه عمومية والاستثمارات الخاصة.
· الشركات الرأسمالية: وهي الشركات المتروبولية تخطط وتنفذ الأشغال الرأسمالية الكبرى في المغرب، ثم تصدر المواد الفلاحية والمعدنية نحو فرنسا، وتسوق في المغرب منتجات الصناعة الفرنسية، فضلا عن التجهيز التقني العصري لمختلف وحداتها الإنتاجية بالمغرب، وذلك على نفقات الدولة الفرنسية وإقامتها العامة في المغرب، وقد ساعد ذلك على تطور الاستثمارات العمومية والشبه عمومية والاستثمارات الخاصة.
· السياسة الجبائية: نظمت فرنسا ضريبة الترتيب، وتؤدى في البوادي على المواشي والمزروعات حسب المساحة والإنتاج والمردود، وفي المدن تشمل ضرائب مباشرة كالضريبة الحضرية والضريبة المهنية وضريبة السكن، والضرائب غير المباشرة كحقوق الأبواب والأسواق والضرائب التي تفرضها البلديات، وخلال الحرب العالمية الثانية فرض على المغاربة أداء تبرعات الدفاع والإخاء . وقد حصلت فرنسا على مداخيل ضريبية مهمة طيلة مدة استعمارها للمغرب.
· تشييد التجهيزات والأشغال العمومية الكبرى: وظفت الإدارة الاستعمارية الرساميل العامة والخاصة في إقامة التجهيزات الأساسية والأشغال العمومية كالطرق المعبدة و الطرق الثانوية والسكك الحديدية والموانئ والمطارات ومراكز البريد والمدارس والمستوصفات وتشييد السدود على الأنهار المغربية المهمة لتوفير الماء للشرب والسقي والكهرباء، وقد أنجزت الأشغال السالفة الذكر داخل ونحو المناطق التي تتوفر على المؤهلات الفلاحية والمعدنية، أي ما كانت تسميه فرنسا بالمغرب النافع.
· السياسة الأهلية: يعتبر الجنرال ليوطي Lyauteyأول مقيم عام (1912-1925) بالمغرب السلطاني، وضع الأسس التنظيمية لسياسة الحماية من مظاهرها: الحفاظ على موظفي المخزن (الباشا، المحتسب، أمين المستفاد...) في موازاة إحداث أجهزة الحماية، و استمالة الأعيان والقياد كالكلاوي والكندافي والمتوكي، كما حرص على احترام الشؤون الدينية والقضائية للمغاربة، فضلا عن إظهاره للمساواة بين المغاربة والفرنسيين. مظاهر الاستـــــــــغلال الاستعمــــــــــاري 1) الاستغلال الفلاحي: · اعتمدت الإدارة الاستعمارية وسائل متنوعة للهيمنة على الأراضي الفلاحية المغربية ومنها:
- قانون التحفيظ العقاري في 12 غشت 1913م: أصبح بموجبه لكل قطعة أرضية سندا عقاريا يحمل اسما ورقما وتصميما، وبموجبه تمكن المعمرون من الأراضي بسبب جهل المغاربة بهذا الإجراء القانوني.
- عملية الشراء والرهن والمخالطة: اعتمد المعمرون هذه الأساليب للاستحواذ على الأراضي الفلاحية الخصبة، حيث اشتروا مساحات فلاحية بأثمنة هزيلة، كما أغروا المغاربة بنظام المخالطة والمشاركة في عملية الإنتاج الزراعي وتربية الماشية، و أغرقوهم بالقروض، مما جعلهم يرهنون أراضيهم أو يتخلون عنها قسرا في حالات عجزهم عن تسديد الديون للمعمرين.
- نظام الاستعمار الرسمي: استولت سلطات الحماية الاستعمارية على أراضي الجماعات في البوادي والمدن المغربية بدعوى المصلحة العامة أو بذريعة مقاومة أبناء تلك المناطق للاحتلالين الفرنسي والاسباني.
- نظام الاستعمار الخاص: شجعت سلطات الحماية الفرنسية والاسبانية رعاياها على الاستيطان بالمغرب و مكنتهم من الإمكانيات المالية وأنجزت لهم الأشغال العمومية في الأراضي والمناطق التي رحَّلوا منها السكان الأصليين الحقيقيين بطرق الشراء المغري أو الترحيل القسري، وبذلك حصلوا على استغلاليات مهمة فاقت استغلاليات الاستعمار الرسمي بمناطق المغرب في المغرب الشرقي و فاس ومكناس والرباط والدار البيضاء ومراكش وأكادير وغيرها.
· مجالات الاستغلال الفلاحي:
اهتمت السلطات الاستعمارية والمعمرون بالزراعة التسويقية الموجهة للتصدير نحو الأسواق الفرنسية والاسبانية وغيرها، مثل زراعة القطن والتبغ والكتان والكروم والحوامض...، في الوقت الذي همشت فيه الزراعات المعاشية التي كان المغاربة يقتاتونها، وقد شيدت لها سدود مهمة بأنحاء مختلفة من المغرب، كما اعتمدت التقنيات والآلات العصرية المكثفة في جميع مراحل العمليات الإنتاجية من الحرث والغرس والسقي والحصاد..، كما قام الأسطول البحري الاستعماري باستنزاف الثروة السمكية المغربية في السواحل والأعماق البحرية والمحيطية .
2) الإستغلال الصناعي:
تجلى الاستغلال الصناعي في نهب الثروة المعدنية والطاقية المغربية من طرف الشركات الاستعمارية، فشركة اسبانيا لمناجم الريف استنزفت معدن الحديد من مناجم ويشن بالناظور، والمكتب الشريف للفوسفاط نهب معدن الفوسفاط من مناجم خريبكة وغيرها منذ سنة 1922، وكانت أهداف سياسة الاستعمار التصنيعية هي إقامة الصناعات المرتبطة بالمواد الفلاحية والمعدنية المصدرة إلى البلدان الأم فرنسا واسبانيا وجعل المغرب سوقا استهلاكية لمنتجات الصناعة الاستعمارية المستوردة، وفي هذا الصدد تم الاهتمام بالصناعة المنجمية الاستخراجية ( الفوسفاط بخريبكة، الحديد بواد زم، الفحم بجرادة، البترول بسيدي قاسم)، والصناعة الغذائية ( السكر بالدار البيضاء، الدقيق بمكناس وتطوان، المشروبات الغازية كالجعة والخمور بمكناس و طنجة )، وصناعات أخرى كالنسيج والاسمنت...
3) الاستغلال التجاري:
شجعت السلطات الاستعمارية الجالية الأجنبية على إقامة محلات تجارية صغرى وكبرى تبيع بالتقسيط والجملة وتقوم بعمليات السمسرة والمبادلات التجارية بحيث تسوق المنتجات الصناعية المستوردة بالأسواق المغربية ( المواد الغذائية كالسكر والشاي والقطاني...) والملابس وآلات التجهيز، في الوقت الذي تزود فيه البلدان الاستعمارية الفرنسية والاسبانية بالمواد الفلاحية ( البواكر والحوامض والصوف)، والبحرية كالأسماك، والمعدنية ( الفوسفاط والحديد) والمواد الطاقية كالفحم.
وكانت المبادلات التجارية تتم يطرق استغلالية بشعة للمغرب، بحيث تصدر كميات مهمة من المواد الأولية من المغرب بأثمنة ضعيفة، في الوقت الذي تستورد المواد المصنعة إلى المغرب بكميات قليلة وبأثمنة مرتفعة، مما كان يترتب عنه عجزا مزمنا للميزان التجاري المغربي طيلة خضوعه للحماية الاستعمارية الفرنسية الاسبانية.
نتائج الاستـــــــــغلال الاستــــــــــعماري:
1) النتائج الاقتصادية:
· هيمنة الأجانب على أجود الأراضي : استحوذت السلطات الاستعمارية على أراضي المغاربة بوسائل مختلفة، وقامت بتوزيعها على المستوطنين الفرنسيين والإسبان وعلى الأعيان والقياد المغاربة الذين استقطبتهم سلطات الحماية لخدمة مصالحها.
· التركيز على الفلاحة العصرية التسويقية: وما رافقه من تهميش للفلاحة المعيشية التقليدية، مما عرَّض المغاربة لمحن اجتماعية متعددة.
· منافسة البضائع العصرية الأجنبية للحرف التقليدية المغربية: تقاطرت على الأسواق المغربية في البوادي والمدن منتجات أجنبية مختلفة مما ساهم في إفلاس المنتجات الحرفية الداخلية.
· تقنين استهلاك المواد خلال فترات الأزمات: قامت السلطات الاستعمارية في المدن والقرى المغربية بسن تشريعات زجرية على استهلاك المواد الأساسية ومن أمثلة ذلك ورقة البون المعتمدة على الحبوب والدقيق وغيره. · ارتفاع الأسعار وانخفاض أجور العمال.
2) النتائـج الاجتماعية:
· تضرر الفئات الاجتماعية المغربية: فالفلاحون فقدوا أراضيهم قسرا وتحولوا إلى معدمين أو إلى مأجورين بؤساء لدى سلطات الحماية أو يقومون بأعمال السخرة لصالح القواد والمعمرين. وفرضت عليهم ضرائب مجحفة كضريبة الترتيب والعشور، وضرائب للقيام بالإصلاحات أو لإنشاء الطرق وتشييد البنايات الرسمية كالثكنات العسكرية، ثم التويزة وهي العمل الجماعي المجاني الذي كان يقوم به رجال ونساء القبائل في ضيعات ومناجم المعمرين.
في حين أفلس الحرفيون بسبب ارتفاع أسعار المواد الأولية التي كانوا يستعملونها ( الخشب، الصوف، المعادن) ومنافسة البضائع الأجنبية لمنتجاتهم الحرفية . كما أفلس أيضا التجار بسبب هيمنة المحلات التجارية والشركات الكبرى الأجنبية.
أما العمال فقد استغلُّوا أبشع استغلال، أجور ضعيفة، ساعات عمل طويلة، انعدام التأمين والحق النقابي، طرد وبطالة ، فقر وبؤس ومجاعة، وتكدس في أحياء الصفيح) باشكو، كاريان سنترال، بن مسيك)، ورغم تلك المصاعب فقد خرجوا في مظاهرات وإضرابات مطلبية كالإضراب العام بتطوان سنة 1930، وإضراب أبريل 1948 لعمال مصانع السكر والحديد بالدار البيضاء وعمال مناجم الفوسفاط بخريبكة والفحم بجرادة، وإضراب عمال الدار البيضاء في 8 دجنبر 1952 للتنديد باغتيال سلطات الحماية الفرنسية للزعيم النقابي فرحات حشاد. · انهيار نظام الجماعة وتنامي الهجرة القروية نحو المدن. · ضعف الخدمات الصحية والتعليمية للسكان المغاربة. · ظهور برجوازية مغربية مكونة من الأعيان والقواد اغتنت بفضل خدمتها لمصالح وأهداف السلطات الاستعمارية.
خاتمة: اعتمدت سلطات الحماية الفرنسية والاسبانية وسائل إدارية وتنظيمية، ومالية وعسكرية لاستغلال الثروات الفلاحية والمعدنية والطاقية والبحرية المغربية، ونجم عن ذلك تضرر المصالح الاقتصادية والاجتماعية للمغارة طيلة فترة الحماية الاستعمارية 1912 – 1956م. المقاومة المغربية وثورة الملك والشعب بعد توقيع معاهدة الحماية انطلقت في كل التراب المغربي مقاومة مسلحة إلى غاية 1934، وشهد المغرب بعد ذلك مرحلة المقاومة السياسية ثم مرحلة الكفاح المسلح التي ساهمت في تحقيق الاستقلال. فكيف حدثت المقاومة المسلحة؟ وكيف تأسست الحركة الوطنية وانتقلت من مرحلة المقاومة السياسية إلى الكفاح المسلح؟ وما هي مراحل تحقيق الاستقلال والوحدة الترابية؟
شهد المغرب مقاومة مسلحة للاستعمار ما بين1912 و 1934:
1- في المناطق الجنوبية:
برز المقاوم أحمد الهيبة بن ماء العينين الذي بايعه أهل سوس على الجهاد، انطلق من تيزنيت في مايو 1912، ودخل إلى مراكش في 18 غشت، وتمت المواجهة بينه وبين الفرنسيين بقيادة الكولونيل مانجان Mangin في معركة سيدي بوعثمان حيث انهزم في 6 شتنبر 1912، ودخل الفرنسيون إلى مراكش حيث عينوا المدني الكلاوي باشا عليها، بعدها توجه المقاوم الهيبة نحو الجنوب الغربي لمواصلة المقاومة إلى غاية وفاته سنة1919، فخلفه أخوه مربيه ربه على رأس المقاومة إلى غاية 1934.
2- في الأطلس المتوسط:
استعان المقيم العام ليوطي بالقياد وخاصة الكلاوي والكندافي والمتوكي، وتمكن من إخضاع الجنوب الغربي سنة 1913، ثم تازة في ماي 1914 بعد استسلام المقاوم الحجامي. وتوجهت جيوش الاحتلال بقيادة الكولونيل مانجان إلى الأطلس المتوسط، فواجهت في تادلة مقاومة موحى أوسعيد وموحى أوحمو الزياني، وبعد احتلال تادلة في أبريل 1913 وبني ملال في صيف 1916، تحصن موحى أوسعيد في القصيبة إلى غاية أبريل 1922، في حين لجأ موحى أوحمو إلى خنيفرة، حيث انسحب منها ليدخل إليها الجيش الفرنسي بقيادة الكولونيل هنريس Henrys، ثم هاجم الزيانيون القوات الفرنسية في معركة الهري في نونبر 1914، واستمر حصارهم للفرنسيين إلى أن قتل موحى أو حمو في معركة أزلاغن تزمورت سنة 1921.
3- في الريف:
شهدت المنطقة مقاومة الشريف محمد امزيان التي انتهت باستشهاده في مايو 1912، وظهرت بعد ذلك مقاومة محمد بن عبد الكريم الخطابي منذ غشت 1920، الذي وحد القبائل الريفية ونظم الجيش، واستطاع قهر القوات الإسبانية بقيادة الجنرال سيلفستري Sylvestre في معركة أنوال يوم 21 يوليوز 1921، وأخرج الإسبان من عدد من المناطق الشمالية، وحاول الخطابي بعد ذلك التوجه نحو فاس، فبدأ منذ سنة 1923 التحالف الإسباني الفرنسي حيث جندوا 800ألف جندي مقابل 20 ألف ريفي، وتم استخدام أسلحة حديثة ومنها الأسلحة الكيماوية، فاستسلم الخطابي في27 مايو 1926، ونفي إلى جزيرة لارينيون La Réunion، لسيستقر بعد ذلك في مصر إلى غاية وفاته.
4- في الأطلس الصغير والكبير:
لعب القايد التهامي الكلاوي دورا هاما في إخضاع القبائل الأطلسية والجنوبية، واحتلت فرنسا منذ سنة 1920 مناطق تافيلالت ودرعة وجبل صاغرو، وأخضعت قبائل آيت عطا في دادس وتودغة، وقضت في درعة على مقاومة بلقاسم النكادي في يناير 1934، وفي الأطلس الكبير كانت المواجهة بين القوات الفرنسية وقبائل آيت عطا بقيادة المقاوم عسو أوبسلام في معركة بوغافر، وستنتهي المقاومة في 25 مارس 1933، حيث تمكنت فرنسا سنة 1934 من احتلال كل التراب المغربي بعد القضاء على المقاومة المسلحة.
عرفت فترة الثلاثينات والأربعينات مطالبة الوطنيين بالإصلاحات وبالاستقلال:
1- كان لإصدار الظهير البربري دور في ظهور المقاومة السياسية:
- إصدار الظهير البربري: أصدر المقيم العام لوسيان سان Lucien Saint الظهير البربري في 16 مايو 1930،(سُمي ظهيرا لأنه مُوقع بالطابع السلطاني) الذي يميز بين البربر والعرب في المجالات القضائية والتعليمية والسياسية، قصد الفصل بين العرب و الأمازيغ لتفتيت الوحدة المغربية، وقد نص الظهير على: فصل رؤساء القبائل في النزاعات التي تحدث في المناطق البربرية، وتأسيس المحاكم العرفية للفصل في القضايا التجارية والمدنية والعقارية والأحوال الشخصية وأمور الإرث وكل الوقائع بالمناطق البربرية، وتشكيل المحاكم الفرنسية للنظر في القضايا الجنائية التي تحصل في المناطق البربرية، وكان ذلك سببا في توحد شباب جامعة القرويين وخريجي الجامعات الفرنسية لمناهضة الظهير، فانطلقت الانتفاضات الشعبية في المدن والبوادي المغربية تطالب بإلغاء الظهير البربري، وبرزت نخبة مثقفة اغلبها في المدن المغربية تبنت التنظيم السياسي والعمل الوطني في إطار كتلة العمل الوطني اقتداء بالحركة الوطنية بالمشرق.
* نشأة الحركة الوطنية في المنطقة الفرنسية:
- تنظيم الحركة الوطنية: كان للأمير شكيب أرسلان دور في حث الوطنيين على تنظيم صفوفهم، فتأسست بذلك كتلة العمل الوطني (أحمد بلافريج، محمد الحسن الوزاني...)، وأصدرت في غشت 1933 جريدة (عمل الشعب) التي دعت إلى الاحتفال بعيد العرش في 18 نونبر 1933 لربط الصلة بالملك محمد الخامس وتوطيد الاتصال بين السلطان والحركة الوطنية، والتأكيد لسلطات الحمايتين الفرنسية والاسبانية على عمق الروابط الدينية والروحية والرمزية والتاريخية والسياسية بين الملك والشعب المغربي.
- وثيقة مطالب الشعب المغربي: وفي 1 دجنبر 1934، قدمت الكتلة وثيقة (مطالب الشعب المغربي) لسلطات الحماية طالبت من خلالها بمجموعة من الإصلاحات الإجتماعية والقضائية والثقافية، ففي المجال السياسي والإداري تمت المطالبة بإلغاء الإدارة الفرنسية المباشرة وتأسيس مجلس وطني و إلغاء وسائل التعذيب، وفي الميدان الاقتصادي والمالي تمت المطالبة بالمساواة في أداء الضرائب وحماية الصناعة التقليدية من المنافسة الخارجية وإلغاء الرسوم بين المناطق المغربية وتكوين تعاونيات فلحية، وفي الميدان الاجتماعي تمت المطالبة بإجبارية التعليم الابتدائي ومحاربة الأمية و محاربة البطالة وبناء المستشفيات وإقرار العمل 8 ساعات في اليوم فقط، بيد أن فرنسا لم تستجب لهذه المطالب، وفي سنة 1936 أرادت فرنسا إحداث مجالس استشارية رفضها الوطنيون، وفي سنة 1937 حدث الخلاف بين الوطنيين، فأسس علال الفاسي وأحمد بلافريج (الحركة الوطنية لتحقيق المطالب)، في حين أسس محمد الحسن الوزاني (الحركة القومية).
-أحداث بوفكران: في شتنبر 1937 حدثت أحداث بوفكران بعد محاولة المعمرين حرمان المغاربة من مياه النهر، وتم خلالها اعتقال عدد من المواطنين، ونفي بعضهم (علال الفاسي)، وفرضت على بعضهم الإقامة الجبرية (محمد الحسن الوزاني).
*الحركة الوطنية في المنطقة الإسبانية:
كانت تطوان منطلق العمل الوطني في الشمال حيث أصدر محمد داود جريدة (السلام) و(الحياة) سنتي 1933 و 1934، وقام عبد الخالق الطريس بتقديم لائحة مطالب لسلطات الحماية الإسبانية في12 دجنبر1936، وانقسم الوطنيون بتأسيس المكي الناصري (الوحدة المغربية) وعبد الخالق الطريس (الإصلاح الوطني)، وقد شهدت المنطقة منذ 1937تضييقا على الوطنيين.
2- طالب الوطنيون والملك خلال الأربعينات بالاستقلال:
- وثيقة المطالبة بالاستقلال: كان لاندلاع الحرب العالمية الثانية وانخراط فئات واسعة من العمال في المقاومة المغربية أثر في تطور مطالب الحركة الوطنية، فقد تم الإعتراف بالحق النقابي للعمال المغاربة سنة 1936، وتمكن العمال المغاربة سنة 1943 من تأسيس (اتحاد النقابات الموحدة بالمغرب)، وفي يناير 1944 تأسس (حزب الاستقلال) الذي قدم في 11 يناير وثيقة المطالبة بالاستقلال وقعها58 فردا تضمنت التأكيد على وحدة واستقلال المغرب تحت قيادة جلالة الملك محمد الخامس ومطالبة السلطان بالتدخل لدى الدول الأجنبية للاعتراف باستقلال المغرب وأن يقوم بالإصلاحات التي تضمن جميع حقوق وواجبات الشعب المغربي والمطالبة بتوقيع المغرب على الميثاق الأطلسي. وفي 1946 أسس محمد الحسن الوزاني (حزب الشورى والاستقلال).
وقد أعلن السلطان أمام الفرنسيين سنة 1944 أن نظام الحماية صار متجاوزا عندما شبهها بالقميص وأكد سنة 1945 في رحلته إلى فرنسا على ضرورة إنصاف المغرب، ورفض التوقيع على الظهائر التي تمس مصالح المغرب.
- زيارة طنجة: في أبريل 1947 قام الملك محمد الخامس بزيارة طنجة حيث أكد في خطابه على وحدة وعروبة واستقلال المغرب، وقامت فرنسا قبل الزيارة بقتل عدد من سكان الدار البيضاء بهد عرقلة هذه الزيارة.
ساهم الكفاح المسلح في تحقيق استقلال المغرب:
1- كان لنفي الملك دور في اندلاع الكفاح المسلح:
- نفي محمد الخامس: في بداية الخمسينات مارس المقيم العام جوان ثم الجنرال كيوم سياسة العنف والقمع تجاه الحركة الوطنية، وتم منع حزب الاستقلال وحزب الشورى والاستقلال وحظر الصحف، وقامت باعتقال الزعماء السياسيين، حيث استغلت في سنة 1952 فرصة قيام مظاهرات بالمدن المغربية احتجاجا على اغتيال الزعيم النقابي التونسي فرحات حشاد يوم 5 دجنبر 1952، فقامت بحملة قمع شرسة أطلقت خلالها النار على المتظاهرين، حيث قتل في الدار البيضاء وحدها حوالي 16 ألف مغربي. وكان الجنرال كيوم يخطط مع الكلاوي وعبد الحي الكتاني من أجل إبعاد محمد الخامس، فتم نفيه يوم 20 غشت 1953 إلى كورسيكا ثم إلى مدغشقر، وعين محمد بن عرفة ملكا على البلاد، بعد فشل الإقامة العامة في فك الإرتباط الحاصل بين السلطان والتنظيمات السياسية، لكن المغاربة لم يعترفوا بالسلطان الجديد، وخرجوا في مظاهرات جماهيرية تردد شعارات وطنية " ابن يوسف ملكنا... والمغرب وطننا "، " ابن يوسف يجي غدا... الاستقلال ولابدا ".
انطلقت في معظم المناطق المغربية مقاومة مسلحة عفوية (أحمد الحنصالي) منذ 1951، وقد تواصلت هذه المقاومة بعد نفي الملك (علال بن عبد الله)، وفي نفس الوقت نظم الوطنيون حركة الكفاح المسلح، وظهرت تنظيمات سرية استهدفت الخونة والإستعمار (منظمة الهلال الأسود)، وتصاعدت العمليات الفدائية التي نفذتها المقاومة المسلحة السرية، واستهدف المقاومون اغتيال ابن عرفة مرتين، كما استهدفوا اغتيال الباشا الكلاوي، إضافة إلى تخريب المنشآت الاستعمارية. وفي2 أكتوبر 1955 تم تأسس جيش التحرير الذي قاد عمليات مسلحة ضد الاحتلال الفرنسي في مختلف مناطق البلاد.
2- نال المغرب استقلاله بعد سلسلة من المفاوضات مع الدول الاستعمارية:
- مفاوضات إيكس ليبان: أدى تزايد حدة المقاومة المسلحة في معظم المناطق المغربية (أحداث الدار البيضاء وخنيفرة وأبي الجعد وواد زم وتادلة...)، وحصول المغرب على تأييد الجامعة العربية وحركة دول عدم الانحياز، لرفع قضية المغرب إلى الأمم المتحدة، إرغام السلطات الفرنسية على إجراء التفاوض مع السلطان وقادة الحركة الوطنية بمدينة إيكس ليبانAix les Bains ما بين 22 و27 غشت 1955 بين وفد وزاري فرنسي ووفد من الحركة الوطنية (عبد الرحيم بوعبيد، المهدي بن بركة، عمر بن عبد الجليل، محمد اليزيدي، عبد القادر بن جلون...)، وتم الإتفاق على إبعاد ابن عرفة وعودة الملك من المنفى لاستكمال المفاوضات.
- لقاء لاسيل سان كلو: عاد الملك من المنفى إلى فرنسا (ونقل ابن عرفة إلى طنجة ثم فرنسا)، وتم لقاء في لاسيل سان كلو La celle saint cloud بينه وبين وزير خارجية فرنسا أنطوان بيني، وعاد الملك إلى المغرب يوم 16 نونبر 1955، وشكل حكومة ائتلافية ستقوم بإتمام مفاوضات لاسيل سان كلو في 2 مارس 1956 نتج عنها إعلان استقلال المنطقة الفرنسية.
- المنطقة الشمالية (لقاء مدريد): تم اللقاء بين الملك والجنرال فرانكو يوم 17 أبريل 1956 نتج عنه استرجاع المنطقة الشمالية.
- منطقة طنجة (لقاء المحمدية): تم في أكتوبر 1956 تنظيم لقاء دولي بالمحمدية نتج عنه استرجاع طنجة.
- المناطق الجنوبية:
• في أبريل 1958 تم استرجاع طرفاية.
• في 30 يونيو 1969 تم استرجاع سيدي إفني.
• في 16 أكتوبر 1975أصدرت محكمة العدل الدولية بلاهاي رأيها بوجود روابط بيعة وقانونية بين سكان الصحراء وملك المغرب، فتم تنظيم المسيرة الخضراء يوم 6 نونبر 1975 استرجع بعدها المغرب الساقية الحمراء ثم وادي الذهب سنة 1979.
خاتمة:
بعد فرض الحماية الفرنسية والاسبانية على المغرب سنة 1912، انطلقت المقاومة المسلحة في جميع أنحاء المغرب ملحقة هزائم متعددة بالمستعمرين، لكن عدم تكافؤ القوة العسكرية والمالية ساهم في القضاء على المقاومة المغربية خلال فترة الثلاثينات، لتنطلق الحركة الوطنية مطالبة بالإصلاحات إلى غاية الأربعينات، وبعدها طالبت بالاستقلال، واندلعت من جديد المقاومة المسلحة التي أرغمت فرنسا واسبانيا على الاعتراف بوحدة واستقلال المغرب سنة 1956، وبعد ذلك استكمل المغرب سيادته ووحدته على جميع ترابه من طنجة إلى وادي الذهب
|
| |